آخر الأخبار

مقارنة مفصّلة بين متصفّحي الذكاء الاصطناعي: ChatGPT Atlas أم Comet؟


صورة مقارنة مستقبلية بين متصفحي الذكاء الاصطناعي ChatGPT Atlas وComet، يفصل بينهما خط مضيء في المنتصف مع واجهتين رقمية أنيقة وألوان زرقاء وبنفسجية تعكس التنافس بينهما.

في عام 2025، يشهد الإنترنت تحولًا جذريًا في طريقة التصفح. لم يعد المتصفح مجرد نافذة لعرض المواقع، بل أصبح منصة ذكية تشاركك التفكير والتحليل وتقوم بمهام معقدة نيابة عنك. في هذا السياق، برز اسمان بقوة هما: ChatGPT Atlas من شركة OpenAI وComet من شركة Perplexity AI. كلاهما يُعد من الجيل الجديد لما يُعرف بـ«متصفحات الذكاء الاصطناعي» التي توحد بين الذكاء التفاعلي والتصفح السلس.


في هذا المقال من AI-العربي، نقدم لك مقارنة تفصيلية وعميقة بين Atlas وComet من حيث الأداء، السرعة، الخصوصية، التكامل، والقدرة على الفهم والسياق، مع تحليل شامل لتجربة المستخدم، وسنختتم برأينا الخاص حول أيهما الأفضل لمختلف أنواع المستخدمين.

ما هو متصفح الذكاء الاصطناعي؟

متصفح الذكاء الاصطناعي هو الجيل الجديد من متصفحات الويب التي تجمع بين أدوات التصفح التقليدية مثل عرض الصفحات والإشارات المرجعية، وبين قدرات الذكاء الاصطناعي التفاعلية مثل تلخيص النصوص، البحث الدلالي، الترجمة اللحظية، التوصية بالمصادر، وأتمتة المهام. ببساطة، هو مساعد رقمي يعيش داخل المتصفح ويعمل معك لحظة بلحظة.

ما هو ChatGPT Atlas؟

أطلقت OpenAI متصفحها الجديد ChatGPT Atlas في أكتوبر 2025، وهو نسخة محسّنة من تجربة ChatGPT على الويب. يعمل Atlas على دمج محرك ChatGPT 5 مباشرة في المتصفح، بحيث يصبح المستخدم قادرًا على التحدث مع أي صفحة ويب، استخراج المعلومات منها، تلخيصها، بل وحتى تنفيذ إجراءات مثل إرسال بريد إلكتروني أو تنظيم ملف من داخل المتصفح نفسه.

من أبرز ميزاته ميزة Agent Mode، وهي وضعية تسمح للمتصفح بأن يصبح «وكيلًا ذكيًا» ينفذ سلسلة من الأوامر تلقائيًا. على سبيل المثال: يمكنك أن تطلب من Atlas "ابحث عن أرخص تذاكر السفر إلى دبي، واحجز الرحلة الأنسب ليوم الجمعة"، فيقوم المتصفح فعلاً بتنفيذ ذلك خطوة بخطوة دون الحاجة لتدخلك المستمر.

كما يتيح Atlas تكاملًا عميقًا مع خدمات OpenAI الأخرى مثل DALL·E لإنشاء الصور، وWhisper للتفريغ الصوتي، بالإضافة إلى إمكانية فتح ملفات PDF وصفحات طويلة وتحويلها إلى نقاط مختصرة.

ما هو Comet؟

في الجهة المقابلة، جاء Comet من Perplexity AI ليقدّم تجربة أكثر تخصصًا في مجال «البحث التفاعلي». Comet لا يكتفي بعرض النتائج مثل Google، بل يحللها، يقيّمها، ويقدّم للمستخدم إجابات منسقة مستندة إلى مصادر حقيقية مع روابط مباشرة. فهو مزيج بين متصفح وباحث علمي متكامل.

للتعمق أكثر في تجربة البحث الذكي باستخدام Comet وPerplexity AI، يمكنك قراءة مقالنا السابق "Perplexity AI: أداة الذكاء الاصطناعي التي تغيّر عالم البحث" للحصول على تحليل مفصل للميزات والتقنيات التي تجعل Comet مميزًا.

يتميّز Comet بقدرته على تلخيص عدة صفحات دفعة واحدة، وإنشاء مقارنة بين وجهات نظر مختلفة من الإنترنت، مع دعم ممتاز للاستشهادات. كما أنه يسمح للمستخدمين بإنشاء «ملفات معرفة» (Knowledge Files) يمكن الرجوع إليها لاحقًا، وهي ميزة مفيدة للطلاب والباحثين والصحفيين.

إضافة إلى ذلك، تم تصميم Comet ليكون سريعًا جدًا في البحث، بفضل تقنية الفهرسة الذكية التي تستخدمها Perplexity AI لتخزين صفحات الإنترنت الأكثر صلة قبل حتى أن يطلبها المستخدم.

مقارنة الأداء والذكاء

1. سرعة الاستجابة

من حيث السرعة، يتفوّق Comet قليلًا على Atlas في عمليات البحث، نظرًا لأنه يستخدم قاعدة بيانات خاصة مهيأة مسبقًا. أما Atlas، فسرعته تعتمد على جودة الاتصال بالسيرفرات السحابية لـ OpenAI، والتي قد تتأخر جزءًا من الثانية في الاستجابة الأولية، لكنها أكثر استقرارًا في جلسات طويلة.

2. الذكاء التحليلي والفهم السياقي

يُعد Atlas أكثر «ذكاءً» بالمعنى الحرفي، لأنه يعتمد على نموذج GPT-5 المتقدّم القادر على فهم السياق الطويل وإدارة حوارات معقّدة. بينما Comet متخصّص أكثر في التحليل المعلوماتي وتقديم الإجابات الدقيقة، لكنه أقل قدرة على التعامل مع محادثات مفتوحة وطويلة.

3. جودة المخرجات اللغوية

في اللغة العربية، يُظهر Atlas تفوقًا واضحًا، إذ يدعم اللغة بدقة عالية وصياغة طبيعية جدًا بفضل تحديثات ChatGPT 5. أما Comet فيركّز على الإنجليزية بالدرجة الأولى، مع دعم جزئي للغات الأخرى، ما يجعله أقل كفاءة للمستخدمين العرب حتى الآن.

الخصوصية والأمان

كلا المتصفّحين واجها انتقادات أمنية في بداية الإطلاق بسبب احتمالية ما يُعرف بـ«حقن التعليمات» (Prompt Injection)، حيث يمكن لمواقع خبيثة إدخال أوامر داخل صفحاتها للتحكم بالمساعد الذكي. لكن OpenAI سارعت لتطبيق طبقات أمان في Atlas تمنع أي صفحة من إرسال أوامر خارج نطاقها، بينما طوّرت Perplexity آلية تحقق مزدوجة داخل Comet تمنع تنفيذ أي أمر من مصدر غير موثوق.

من حيث جمع البيانات، يصرّح Atlas بأنه يستخدم البيانات لتحسين التجربة وليس لأغراض تسويقية، في حين أن Comet يحتفظ بسجلات البحث لمدة محددة لأغراض تحليلية فقط، ويمكن للمستخدم حذفها يدويًا.

التوافر وتوافق الأنظمة

حالياً، يعمل ChatGPT Atlas فقط على نظام macOS، مع إعلان رسمي بقدوم نسخة Windows وAndroid وiOS في أوائل 2026. أما Comet فهو متاح على أنظمة Windows وmacOS وLinux، إضافة إلى نسخة ويب يمكن تشغيلها من أي متصفح تقليدي. هذا يمنح Comet تفوقًا واضحًا من حيث الوصول وسهولة الاستخدام في الوقت الحالي.

واجهة المستخدم وتجربة الاستخدام

يُقدّم Atlas واجهة هادئة جدًا، أشبه بمزيج بين متصفح Safari وواجهة ChatGPT الأصلية، مع لوحة جانبية للدردشة يمكن سحبها وإخفاؤها بسهولة. أما Comet، فهو يعتمد أسلوب «البطاقات التفاعلية» التي تعرض الإجابات في مربعات أنيقة تتضمن روابط ومصادر ومقارنات. الفرق الجوهري هنا هو أن Atlas يركّز على البساطة والدمج العميق في المهام، بينما Comet يركّز على العرض المعلوماتي الشامل.

التكامل مع الأدوات الأخرى

يتفوق Atlas في التكامل مع بيئة OpenAI — فهو يعمل بانسجام مع أدوات مثل DALL·E وSora Video وWhisper Audio. يمكن مثلاً أن تطلب من المتصفح إنشاء ملصق دعائي أو تلخيص مقطع صوتي مباشرة داخل الصفحة. أما Comet، فيمتاز بتكامل واسع مع أدوات خارجية مثل Zotero وGoogle Scholar وNotion، ما يجعله صديقًا ممتازًا للباحثين وصناع المحتوى.

نموذج التسعير

يقدّم Atlas نسخة مجانية محدودة، لكن الميزات الذكية مثل Agent Mode وتكامل DALL·E متاحة فقط للمشتركين في ChatGPT Plus أو Pro. أما Comet، فيوفّر معظم ميزاته الأساسية مجانًا، مع خطة مدفوعة تضيف أدوات تحليل متقدمة، وسرعة أعلى في الوصول للمصادر، ودعمًا مخصصًا للشركات.

الأسئلة الشائعة

هل يمكن تثبيت الإضافات في كلا المتصفحين؟
نعم، لأن كليهما مبني على محرك كروميوم، لذا يمكن استخدام معظم إضافات Chrome، لكن بعض الإضافات قد تحتاج إذنًا خاصًا.
هل يدعمان العمل الجماعي أو التعاون؟
Atlas يخطط لإطلاق وضع "Team Workspace" قريبًا، بينما Comet يوفّر هذه الميزة بالفعل عبر إنشاء مشاريع تشاركية داخل حسابات الفريق.
هل يمكن استخدامهما على الهواتف الذكية؟
Comet يدعم الويب المحمول الآن، بينما Atlas ما زال قيد التطوير على iOS وAndroid.
ما المتصفح الأفضل للأمان؟
كلاهما آمن نسبيًا، لكن Atlas يتفوّق بفضل القيود الصارمة على الأوامر التلقائية.

رأينا في AI-العربي

بعد تجربة معمّقة لكلا المتصفّحين، نرى في AI-العربي أن Comet حاليًا هو الخيار الأكثر نضجًا من حيث التوافر والتجربة البحثية الشاملة. لكنه لا يملك بعد قدرات التنفيذ الذاتي التي يقدمها Atlas. أما Atlas، فيمثل مستقبل التصفح الذكي القائم على «الوكالة الرقمية» حيث يتولى الذكاء الاصطناعي المهام اليومية بالكامل. إذا كنت باحثًا أو طالبًا أو صحفيًا، فـComet سيكون صديقك الأفضل. أما إذا كنت مطورًا أو صاحب أعمال تبحث عن أتمتة متكاملة، فـAtlas هو الخيار الواعد الذي سيغيّر تجربتك جذريًا خلال الأشهر القادمة.

الخاتمة

يمكن القول إنّ عام 2025 هو بداية عصر جديد في التصفح الذكي. المنافسة بين ChatGPT Atlas و Comet لا تدور فقط حول السرعة أو المظهر، بل حول الفلسفة: هل تريد متصفحًا ينفّذ عنك؟ أم متصفحًا يساعدك على التفكير؟ كلاهما يمثل توجهًا مختلفًا نحو مستقبل الإنترنت، حيث يتحوّل المتصفح من أداة سلبية إلى شريك ذكي نشط.

في النهاية، الخيار يعود إليك، لكن مهما اخترت، فإن دخول هذه المتصفحات للساحة يضع العالم خطوة أقرب إلى «إنترنت ذكي بالكامل» قادر على التعلم، التحليل، والمساعدة الفعلية في حياتك اليومية.

المصادر



تعليقات